هل يجوز تعيير المرأة بهذه الأحاديث؟ (المرأة مخلوقة من ضلع أعوج)
السؤال كامل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا الفاضل ماذا يقصد بقولهم: (المرأة مخلوقة من ضلع أعوج)هل معنى هذا يدل على أن المرأة ناقصة؟!لأنني أرى الكثير من الرجال يعيرون النساء بهذه المقولة وأنا لا أستطيع الرد عليهم فأنا أترجاك يا شيخنا أن تأتي لي بأدلة تدل على عكس ما يفهمونه هؤلاء الرجال لأنني أشعر بالإحباط عندما يقولون ذلك.جزاك الله الجنة و يسر أمورك
جواب السؤال
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
هذا الحديث إنما يدل على أن المرأة من طبيعتها وأصل خلقتها وجود اعوجاج في خلقها، وهذا اقتضته حكمة الله تعالى لعدد من الحكم والمصالح؛ منها حصول الابتلاء والاختبار بذلك للرجل والمرأة، أما الرجل فبالصبر عليها وملاطفتها، وعدم الوقوع في فتنتها، وأما المراة فبأن تصبر على ما ابتلاها الله به، وتبذل ما تستطيع لترفع عن نفسها هذا النقص الحادث، وتتقي الله جل وعلا بمقاومة هذا الخلق، ومن الحكم أن يتم تكامل الجنسين، فيكمل كل واحد منهما الآخر.
وهذا النقص لا يلزم منه الازدراء والتنقص، ولا السخرية والاستهزاء، وإنما المقصود به أن يتقي الله الرجل من أب أو زوج في حسن التعامل مع المرأة والإحسان إليها، وتعليمها ما ينفعها، ويدل على ذلك الحديث نفسه، حيث قال صلى الله عليه وسلم: ((استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع , وإن أعوج ما في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته , وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء))، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الخلق الذي خلقت عليه المرأة سببا في الإحسان إليها، وطلب الوصية بها خيرا، لا سببا لتنقصها وازدرائها.
وهذا كما في قوله صلى الله عليه وسلم: ((ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب من إحداكن))، ثم فسر نقصان العقل والدين بقوله: ((أليس شهادتها نصف شهادة الرجل، وإذا حاضت لم تصل ولم تصم)) أو كما قال صلى الله عليه وسلم، وهو صحيح رواه مسلم وغيره، ونقص العقل لا يعني قلة الذكاء، ولا ضعف ملكة التعبير، وإنما المراد به ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من عدم القدرة على تصريف الأمور العامة، التي تحتاج إلى صبر وجلد، وذاكرة حاضرة، ولهذا نبه الله إلى العلة في تنصيف شهادة المرأة وجعل المرأتين في مقابل الرجل الواحد فقال: {أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى}
ولا يجوز لأحد أن يستدل بهذه النصوص على ازدراء المرأة واحتقارها؛ فإن المرأة شقيقة الرجل، وهي وإياه يقومان بالحياة كلها، ولكل واحد منهما من الوظائف ما لا يطيقه الآخر، ويشتركان في وظائف كثيرة.
وهذه الأحاديث إنما تدل على أن المرأة من طبعها النقص، وعدم استقامة خلقها على شيء واحد، ولهذا يغلب عليها التقلب بين الرضا والسخط، والحب والبغض بسرعة.
وليس معنى ذلك أن يكون هذا في كل امرأة، وإنما هذا من أصل خلقتها، فلا يستغرب وقوعه منها، بل الواجب الصبر على هذا الخلق منها، واحتماله، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر))، ومعنى لا يفرك: أي لا يبغض.
وهؤلاء الذين يتنقصون النساء بمثل هذه الأحاديث وقعوا في محاذير عظيمة، منها:
1- مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان يتلطف بالنساء، ويداريهن، ويصبر على ما بدر منهن، مع علمه بما جبلن عليه من هذه الأخلاق، ولم يعلم عنه أنه استغل ذلك في تنقصهن والتثريب عليهن.
2- مخالفة قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرًا منهم..} الآية، ونرى كثيرا ممن يسخر من النساء يعجز عن فعل نصف إحداهن، بل قد يكون بطالا لا عمل له، ثم يسخر من أخته، أو غيرها، وهي تقوم بأعمال عظيمة جليلة لا يقوم غيرها بها.
3- إثارة البغضاء والشحناء، وهذا فيه إفساد القلوب، وفساد ذات البين، وقد قال الله تعالى: {فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم}.
4- استغلال الأحاديث والآيات وتفسيرها على غير ما أريد بها، وهذا فيه تحريف كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
5- السخرية من أمه التي ولدته، وهذا فيه عقوق وعدم إحسان لها.
إن المرأة هي: أم، وزوجة، وأخت، وبنت، وقريبة.
إنها نصف المجتمع، بل أرى أنها المجتمع كله، ولا يستطيع رجل عاقل أن يتسغني عن المرأة في حياته، فلماذا إذا يتنقصها ويزدريها؟؟
وإذا كان قد ورد في المرأة مثل هذه الأحاديث، فقد ورد فيها أحاديث وآيات أخر تدل على فضلها، وأهميتها في المجتمع، وعظيم أثرها فيه، من ذلك:
1- قوله صلى الله عليه وسلم: ((المرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها)).
2- قال تعالى: {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله}.
3- ضرب الله بالمرأة مثلا للذين آمنوا، بامرأة فرعون، وبمريم بنت عمران.
ويمكنك مراجعة كتاب: سنة التفاضل وما فضل الله به النساء على الرجال، لعابدة العظم.
وإن كنت ألاحظ عليها المبالغة في بعض ما ذكرته، ولكنه في الجملة مفيد.
والله أعلم.
الشيخ عبد السلام بن إبراهيم الحصين
(منقوووووووووووووووووول)